Sunday, October 17, 2010

من شعر جميل صدقى الزهاوى

قال عنه طه حسين: "لم يكن الزهاوى شاعر العربية فحسب ولا شاعر العراق بل شاعر مصر وغيرها من الأقطار. فقد كان مربياً لهذا الجيل الشعرى؛ إذ كان شاعر العقل، وكان معرى هذا العصر".

فى الغرب حيث كلا الجنسين يشتغلُ

لا يَفضلُ المرأة المقدامة الرجل

كلا القرينين معتز بصاحبه

عليه ان نال منه العجز يتكل

وكل جنس له نقص بمفرده

اما الحياة فبالجنسين تكتمل

أما العراق ففيه الأمر مختلف

فقد ألم بنصف الامة الشلل

-------------------------

لقد كنت فى درب بغداد ماشياً

وقد أوشكت شمس النهار تغيب

فصادفت شيخاً قد حنى الدهر ظهره

له فوق مستن الطريق دبيب

عليه ثياب رثة غير انها

نظاف فلم تدنس لهن جيوب

تدل غضون فى وسيع جبينه

على انه بين الشيوخ كئيب

يسير الهوينا والجماهير خلفه

يسبونه والشيخ ليس يجيب

أحالوا عليه بالحصى يرجمونه

وفى الرأس منه شجة وندوب

له وقفة يقوى بها ثم شهقة

تكاد لها نفس الشفيق تذوب

فتساءلت من هذا فقال مجاوباً

هو ((الحق)) جاء اليوم فهو غريب

فجئت إليه ناصراً ومسلياً

ودمعى لإشفاقى عليه صبيب

وقلت له ((إنا غريبان ههنا

وكل غريب للغريب نسيب))

------------------------

أيأمر ظل الله فى أرضه

بما نهى الله عنه والرسول المجبل؟!

فيفقر ذا مال، وينفر مبرَأ

ويسجن مظلوماً، ويسبى ويقتل

تمهل قليلاً، لا تغظ أمةً

إذا تحرك فيها الغيظ لا تتمهل

وأيديك إن طالت فلا تغتر بها

فإن يد الأيام منهن أطول

----------------------

وصف الدنيا كثيرون

ولكن ما أصابوا

إنا عندى فى تصو

يرها القول الصواب

هى حسناء ولكن

صبّها ليس يُثاب

قبحها يطرى وأما

حسنها فهو يعاب

هى فى العين عجوزٌ

وهى فى القلب كعاب

إنها شمطاءُ فى نظر

تها يزهو الشباب

حلوها فى الفم عند

البذل بالمرّ يشابُ

قد سقتنى الشهد من

فيها فأغرانى الشراب

وطلبت الوصل ملحاحاً

فأعيانى الطِلابُ

قد طلبت الماء أعدو

وإذا الماء سراب

ذهب الماء وفى

القلب إلى الماء لهاب

اعرضت دنياى عنى

ماعلى الدنيا عتابُ

وكأن الجب ذنبٌ

وكأن الصدق عابُ

وكأن الشيب لى

منها على ذنبى عقابُ